کد مطلب:239610 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:125

موقف بغداد من المأمون و البیعة للرضا
تعتبر بغداد أهم معقل للعباسیین علی الاطلاق و هی عاصمتهم، و حصنهم، الذی یلوذون به، و یلجأون الیه ..

و العباسیون هم الذین نقموا علی المأمون بسبب جعل ولایة العهد للرضا (ع)، و خلعوا المأمون بمجرد سماعهم لذلك النبأ الذی نزل علیهم نزول



[ صفحه 382]



الصاعقة، فشغبوا فی بغداد، و أخرجوا الحسن بن سهل منها، و بایعوا لابراهیم بن المهدی، المعروف : بابن شكلة المغنی، الذی كان عاملا للمأمون علی البصرة [1] ، و الذی كان من ألد أعداء الامام علی بن أبی طالب و ولده ..

و موقف بغداد هذا لم یكن لیخفی علی أحد، فكیف یخفی علی المأمون، و قد رأینا : أن الامام نفسه یخبر المأمون : بأن الناس - یعنی العباسیین، و موالیهم [2] - ینقمون علیه مكان الامام منه، و مكان بیعته له بولایة العهد [3] .

و الفضل بن سهل أیضا قال للمأمون : « ... ثم أحدثت هذا الحدث الثانی انك جعلت ولایة العهد لأبی الحسن، و أخرجتها من بنی أبیك . و العامة و العلماء، و الفقهاء، و آل عباس، لا یرضون بذلك . و قلوبهم



[ صفحه 383]



متنافرة عنك، و الرأی : أن تقیم بخراسان، حتی تسكن قلوب الناس علی هذا الخ .. » [4] .

و سیأتی أن المأمون قد كتب للعباسیین، بعد وفاة الامام : أن الأشیاء التی كانوا ینقمونها علیه قد زالت .. الی غیر ذلك مما لیس فی تتبعه كثیر فائدة ..


[1] مشاكلة الناس لزمانهم لليعقوبي ص 28.

[2] لأنهم هم فقط الذين كانوا ينقمون ذلك عليه، كما تدل عليه النصوص التاريخية . و لم يشر التاريخ، ولو من بعيد الي شي ء من ذلك من غيرهم علي الاطلاق، بل نص علي عكس ذلك كما عرفت، حتي من أهل بغداد أنفسهم.

[3] الطبري ج 11 ص 1025، و ابن خلدون ج 3 ص 249، و الكامل لابن الأثير ج 5، و غير ذلك ..

و قال في النجوم الزاهرة ج 2 ص 174 : « أنه بسبب ولاية العهد للرضا قامت الفتن، و اضطربت البلاد»، و قريب منه ما في مقدمة ابن خلدون ص 211، و واضح : أن ذلك قول مبالغ فيه .. حيث لم يحدث بسبب البيعة شي ء أصلا الا في بغداد، و أما سائر البلاد، فقد خمدت الثورات فيها، و استوسقت للمأمون كما نص عليه الذهبي، و غيره حسبما تقدم ، و حتي في بغداد نفسها كان أكثرها يؤيد المأمون في ذلك باستثناء العباسيين ، و من لف لفهم ؛ قال في تاريخ أبي الفداء ج 2 ص 22 : « و امتنع بعض أهل بغداد عن البيعة » ... و يتفق المؤرخون : علي أن بغداد انقسمت الي قسمين : قسم يقول : نلبس الخضرة، و نبايع، و قسم يأبي ذلك . الي أن غلب الممتنعون ؛ لأن من بينهم رجال الدولة، و بايعوا لابراهيم بن المهدي.

[4] عيون أخبار الرضا ج 2 ص 160، و البحار ج 49 ص 166 . و واضح أن من مصلحة الفضل : أن يضخم الأمر و يهول به علي المأمون ؛ لأنه يريد أن يردعه عن الذهاب الي بغداد، التي يعرف أنه سوف يتعرض فيها لأهوال و أخطار قد لا يكون له القدرة علي تحملها.